هل نحن مجتمع محافظ حقا ؟!!


 

 التركيبة الفكرية للإنسان العربي الليبي

يستمد الإنسان العربي الليبي افكاره التي تجسد ثقافة أسلافه القدامة, الذين سبقه للعيش على الارض الليبية, تلك الثقافة التي تعتمد كليا على ماهو موروث من الاسلاف.
 ثقافة ترتكز على تفسيرات قديمة جدا لمفهوم العرب عن دينهم الذي يعتقدون بيه, الدين الاسلامي, الدين الذي بنيت علي اساسه الشخصية العربية في تركيبة عجيبة بين الالتزام بالدين و الحداثة المتسارعة من حوله.
 فالالتزام عند العربي يعني الحفاظ على الفهم القديم للدين الاسلامي الذي يعتمد في جله على تفسيرات سلفية قديمة, لم تتعرض للنقد او التجديد او حتى المناقشة البناءة منذ أكثر من 4 قرون متتالية.
تعتمد الثقافة العربية على الاستمرار في توارث مثل تلك التفسيرات القديمة مع كل جيل عربي جديد, بل يعملون على نشره كمعتقد سليم ويجب الالتزام بيه لبلوغ الجنة الموعودون بيها من الله, حسب تفسيرات القدامة.

الشخصية العربية تعرضت لعدة هزات مزلزلة في الحياة, عاشت في ظل موجات استعمارية ظالمة و وحشية اكلت الاخضر واليابس في  الجغرافية العربية.
 تلاعب المستعمر كثيرا على مر التاريخ بالمعتقد الديني للعربي, وتداخلت تلك الالعاب السياسية للمستعمرة مع ما ورثه العربي من اسلافه, بمعنى اخر تم استغلال تفسيرات السلف القديم للدين الاسلامي لصالح الاجندة السياسية للمستعمرين الذين لم يتركوا ثغرة في تلك التفسيرات الا و دخلوا منها وتلاعبوا بيها تلاعبا سبب اليوم هذا التناقد العميق في تركيبة شخصية الانسان العربي.

اعتمدا المستعمرون الذين سيطرو على الجغرافية العربية لعدة قرون على تجهيل العربي ومنعه من القراءة والكتابة والتطور في أسلوب العيش الاجتماعي, فنعزل في الصحراء والجبال مبتعدا قدر الامكان على الاحتكاك بالمستعمر والإنطواء على ذاته حاملا معه افكاره التي توارثها نقلا باللسان فقط.

فزاد تحجره العنيف مع اي افكار جديدة تدخل حياته الاجتماعية باعتبار انها افكار استعمارية غرضها تشويه الدين الاسلامي والتلاعب بيه, افسادا لنقائه ونبل القيم الدينية, التي يحاربها المستعمر بشراسة.

تولد صراع الشخصية العربية بين قيم قديمة توارثها من اسلافه وبين قيم تلاعب بيها المستعمر لاغراض سياسية اثناء بطشه في حكم العرب.
هذا الصراع استمر طويلا في تركيبة الشخصية العربية, حتى اصبح معه العيش كإنسان طبيعي على الارض شبه مستحيل, لانه سوف يبقى متخلفا وضعيفا مع تقدم الامم الاخرى وازدهار اوطانها, فبداء حينها التفتت السريع في بنية الشخصية العربية اي تحديدا عند ادارك العربي بأنه سوف يبقى متخلفا وضعيفا اذا لم يندمج مع الافكار الاستعمارية الدخيلة على مجتمعه القبلي الضعيف الذي يحمل افكار السلف نقلا باللسان فقط دون الخوض في تلك الافكار او تجديدها لغرض التطور, فترك تلك الافكار (أفكار السلف القديمة) كما هي دون تغيير, وأخذ ينقل أفكار المستعمر الدخيلة على مجتمعيه بسرعة ويندمج معها.
في عمق الشخصية العربية تجد شرخ كبير بين الماضي والحاضر, بين الدين واللتزام بالدين, بين الوطن الجغرافي و يوم الاخرة, بين التحضر الاستعماري او افكار سلفية قديمة عفى عنها الزمن لا تنفع قدر ما تضر.

من نكون اليوم !!! 
هل نحن عرب ؟
هل نحن مسلمين ؟
هل نحن من نقرر مستقبلنا أم ثقافة المستعمر الدخيلة على حياتنا ؟
هل نملك تاريخ يمكنًا من التطور ومواكبة باقي الامم في العالم ؟
من هو العربي اليوم ؟

اذا استطعت الاجابة بينك وبين نفسك على تلك الاسئلة بصدق وعمق شديد, فسوف تصل في النهاية الى طريق مسدود مفاده اننا لازلنا محتجزين في حقبة زمنية تتوسط الحاضر والماضي للإنسان العربي المغلوب على أمره تماما.

 حقبة زمنية متناقدة لعينة تتغلغل في عمق الشخصية العربية تحتجزها كرهينة للماضي, لتناقد نفسها من جديد و تجازف بي ماضيها من أجل الاستمرار في الحياة.

صراع مدمر للشخصية العربية, الماضي او الحاضر, اذا اختارت الماضي, يعني اختارت التخلف والضعف والهزيمة, و اذا اختارت الحاضر, يعني اختارت البقاء قيد الحياة رهينة للمستعمر مع باقي الأمم.


اذا ... أين المفر ؟!!
ماذا علينا ان نفعل لنغير الواقع ؟!!
هل يوجد حل حقيقي يمكنًا من تخطي الماضي و صناعة حاضر مختلف عن افكار المستعمر ؟!!

الاجابة نعم يمكن تخطي الماضي في حالة واحدة هي تجديده, عبر النبش في تفسير السلف القديم للدين الاسلامي ومحاولة تجديد واضافة الحداثة العصرية للقرن 21, وتحسين مخرجات القيم الاخلاقية بحيث تركز على الضمير والنفس العميقة للشخصية العربية, وتحسين امكانية سن القوانين بمفهوم الحاجة للتغيير الاني لمواكبة تطور الحياة.
يعني تحويل الماضي(افكار السلف القديمة) عبر تجديده الى حاضر يواكب المستقبل المعاصر لكل الامم, وطرد كل الافكار الاستعمارية الدخيلة على الشخصية العربية طردا تعسفيا بلا رجعة. 


لكن من سيقوم بهذا العمل ...!!!!
من المسؤول على تغير و تطوير الام العربية ؟!!
من هو القادر على احداث تغير حقيقي في بنية الشخصية العربية نحوا الافضل ؟!!








الاجابة هو الانسان العربي نفسه, بأعتبار "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .

لنبداء اليوم قبل الغد بالتغيير في نمط العيش في الحياة, وتطوير الذات وتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي داخل اوطاننا.
لنبداء بالتعليم داخل مدارسنا الذي يحتاج لثورة حقيقية لغربلة افكار المستعمر الدخيلة على حياتنا.
لنبداء بالاسرة من اجل تطوير الحوار بين افرادها واعطاء قيمة للفرد داخلها وتحسين القيام الاخلاقية التي تعتمد عليها الاسرة العربية.
لنبداء بالدين من اجل تطوير طرق تفسيره وتحسين مخرجاته الانسانية التي تمس بحياة الانسان العربية بشكل مباشر, مثل الزواج والطلاق مثل الميراث مثل التبني مثل الجهاد وحب الوطن.
لنبداء بالسياسة ونظام الحكم من اجل ضمان الاستقرار لنا ولي اجيال تأتي بعدنا.
لنبداء .....
هيا لنبداء اليوم, لا لتأجيل, فالوضع لا يحتمل بعد...!!!!!





تعليقات

المزيد من المشاركات

أهم ما يجب ان تعرفه عن عداد الدفع المسبق الكهرباء دولة ليبيا

مطار طرابلس الدولي دولة ليبيا

استعلامات مشروع منحة الزوجة والابناء

تحليل تقرير ديوان المحاسبة الليبي2022 ( سياسة دعم المحروقات)